متهيأ لنا مفيش مكان فى مصر يقدر يجمع تاريخ مصر الحديثة كله قد المنشية، بمبانيها وتاريخها
لما وصلت الحملة الفرنسية مصر، كانت الإسكندرية عبارة عن خراب تام، تآكلت أغلب المدينة، وبقت عبارة عن الشريط الضيق الواصل بين “راقودة” القرية و “فاروس” الجزيرة، كان عدد سكان المدينة 8 آلاف شخص، مقيمين فى الشريط اللى بيبدأ من بعد المنشية ويوصل لراس التين، الأحياء اللى بقت الجمرك والأنفوشى فيما بعد.
“كوم الحلة” كان اسم منطقة المنشية ، وفى “كوم الحلة” هيقرر محمد على إنه يدى أراضى منها لكل جالية علشان تبنى قنصلية،وهيطلب من المهندس الإيطالى “فرانشيسكو مانشينى” يخطط ميدان “القناصل”.
لما تدى وشك لصلاح سالم، وفى ضهرك يكون شارع فرنسا وطريق النصر، وتمثال محمد على فى مواجهتك وباصص لك، هيكون على ايدك اليمين ورا مطعم الجمهورية، مسجد الشيخ إبراهيم باشا، أول مبنى أسس فى الميدان، واللى تحول مع الوقت ليصبح إلى ما يشبه الأزهر فى القاهرة، مسجد ضخم حواليه الحى المصرى فى المنشية ومساكن الأهالى المصريين، فى المنطقة اللى كانت معروفة بـ”جدار المغاربة”.
جزء كبير من المساكن دي هتتشال سنة 1958، لما الحكومة هتبنى “طريق النصر”، علشان يبقى طريق واصل مباشرة من الجمرك لقلب اسكندرية.
فى وشك على طول على ناصية شارع “أحمد عرابى” – توفيق سابقا – من ناحية و”صلاح سالم” – شريف سابقا – ، وفى نصهم اتبنى قصر القنصل اليونانى “توسيتزا”، هذا القصر سيتحول مع الوقت إلى مركز اسكندرية التجارى الحقيقى لما هيبقى مبنى البورصة سنة 1866، مركز جذب رؤوس الأموال الضخم، وبعد ثورة 1952 هيتحول المبنى إلى “الاتحاد الاشتراكى”.
لما بتسقط اسكندرية فى إيد الإنجليز بعد قصف استمر يومين دمر المنشية بالكامل تقريبا، وبعد أعمال مقاومة يائسة اختلطت بأعمال شغب وإحراق لمحال الأجانب فى المدينة، الإنجليز بينزلوا اسكندرية، بيجمعوا عدد كبير من الأهالى ، بيعقدوا محاكمات عسكرية فورية قدام قصر “توسيتزا” اللى نجا من القصف ولم يدمر، بينصبوا مشانق فى وسط الميدان، بيعدموا عدد من الناس شنقا، وآخرين ضربا بالنار، ويقرروا يدفونهم فى نفس مكان إعدامهم، بالظبط فى وسط ميدان المنشية.
من شرفة قصر “توسيتزا” أو مبنى البورصة، تعرض عبد الناصر لمحاولة الاغتيال 1954، وخطب خطاب التأميم 1956، وفى يناير 1977 الجموع الغاضبة حتهاجم المبنى وتحرقه، وبعدها بتقرر الدولة تهدمه تماما، ليتحول اليوم إلى “جراج” يحمل اسم “جراج الاتحاد الاشتراكى”.
لو لسه واقف فى نفس المكان على يمينك هيكون “الحقانية” أو المحاكم المختلطة، أحد رموز الهيمنة الأجنبية على مصر، وبعديها على طول بيبدأ شارع “الراهبات”، أو “السبع بنات”، الشارع ده كان مركز للمقاهى وفيه جاور فقراء الأوربيين وخاصة الجالية اليونانية الفقراء المصريين فى أحيائهم.
فى نص ميدان القناصل تمثال محمد على، أول تمثال لشخص بنى فى مصر الحديثة، سنة 1868، قبل كده كان مكانه مسلة، لكن الإيطالى “جوكامار”، هيصمم تمثال ضخم لمحمد على على حصانه، ويعمله قاعدة من رخام الكرارة، علشان يتحط فى وسط الميدان بناء على طلب الخديوى اسماعيل، لكن ده هيثير لغط ضخم جدا عن وجود تمثال فى وسط ميدان تطوف الناس حوله، ومش هيوقف الجدل ده غير فتوى محمد عبده.
على شمالك هتكون كنيسة “سانت مارك” الإنجيلية واللى اتبنت ما بين 1845 لـ 1854، وهى تقريبا المبنى الأقدم فى الميدان الآن، وثانى مبنيين نجيا من القصف الرهيب للمدينة فى يوليو سنة 1882.
وفى سنة 1909 بيتصل أخيرا ميدان القناصل بميدان تانى بالبحر، واللى نعرفه النهاردة بميدان “أحمد عرابى”، واللى بيمتد من “نصب الجندى المجهول” حاليا، وحتى تمثال محمد على”، فى وسط ميدان القناصل، وبيتعمل فيه واحدة من أجمل الحدائق فى المدينة، أو “الحدائق الفرنسية”.
شكر لصديق الإدارة Mahmoud M. Hassan لمشاركته لنا بالمعلومات